من المعروف ان نجاح الاعلام يستند الى ثلاث ركائز أساسية هي المال والكفاءة والحرية ، فمتى ما غاب أحدها فانه لن يحقق أهدافه المنشودة ، أو سيصبح هناك خلل في ذلك.
وعندما نرى حال إعلامنا الرسمي وخاصة التلفزيون ، ربما نجد أن جميع تلك الركائز قد تكون غائبة عنه ، مما ترتب عليه انحدار المستوى على المستويات والمجالات كافة ، بالرغم من ان اعلامنا كان رائدا في المنطقة الا انه أصبح في المراتب الاخيرة مقارنة بالاجهزة الاعلامية الاخرى.
ويبدو ان ذلك التراجع يعود الى العديد من الاسباب قد يكون ابرزها الخلل في اختيار غالبية الهياكل التنظيمية المتعاقبة التي جلبتها الاعتبارات الشخصية دون مراعاة للكفاءة أو التخصص ، سواء على مستوى الادارات العليا التي يفترض أن تكون مبدعة ولديها رؤية مبتكرة ، أو على مستوى الادارات الوسطى التي تحكم العلاقة وتتولى التنسيق لما هو أعلى منها والتوجيه لما هو أقل منها.
وأخيرا على المستوى الاداري التنفيذي الذي يحتاج الى التخصص وفهم مجال وطبيعة العمل.
وهذا لا يعني أن الكل سيئ فالتعميم صفة مذمومة بل هناك العديد من الموظفين والقياديين الموجودين الان أو سابقا في جميع المستويات يمتلكون الفكر والتخصص والامانة ولكنهم همشوا ، وهناك ايضا العديد من المنسيين الذين يحتاجون الى مصباح سحري أو قرار إداري جريء ينفض الغبار عنهم ليمنحهم الفرصة فربما يعيدوا بريق اعلامنا الذي أفل.
ومع تزامن وجود القيادات الشابة والطموحة في وزارة الاعلام ممثلة في وزير الاعلام الشيخ محمد المبارك الصباح والوكيل الشيخ سلمان الحمود الصباح اللذين نعتقد أنهما جديران بالتطوير والتنمية على كافة المجالات التنفيذية والانشائية والتنظيمية والبشرية لامتلاكهما الخبرة وملكة القيادة.
ولكن كان الله في عونهما فالوزارة تحتاج الكثير من الوقت والجهد والاهتمام لخلق بيئة عمل مناسبة تساعد على الابداع واستعادة الريادة.
فعلى المستوى التنفيذي ، ندرك تماما انهما يعيان ان وزارة الاعلام ملك للدولة وليست للسلطة التنفيذية ، وبناء عليه فهي ملك للمواطن ، ولجميع السلطات ، وهنا لابد من اتاحة الفرصة للجميع ، وكذلك فتح المجال للنقد البناء لتوضيح الاخطاء وتصحيح الانحرافات ، والابتعاد عن سياسة المديح والتمجيد على طول الخط.
وفيما يتعلق بالجانب الخدماتي والانشائي ، نتمنى منهما تفقد أروقة الوزارة داخليا لينظرا الى قلة الامكانيات وسوء المكاتب والخدمات مقارنة بالمصروفات ، وكذلك نطالبهما بالدخول من الاسوار الخلفية للوزارة ليشاهدا بركسات الكيربي المتهالكة التي تعكس بأننا نعيش وكأننا في دولة فقيرة تقتات على المعونات.
أما فيما يتعلق بالجانب البشري التنفيذي والقيادي ، فعليهما تجيير الامكانيات لاكتشاف الطاقات البشرية الوطنية التي يمكنها خلق رؤية جديدة ومتطورة تتواكب مع النقلة الجوهرية في مجالات الاعلام والاتصالات والتكنولوجيا.
ومن المعلوم ان وزارة الاعلام تعتبر المرآة العاكسة لاي مجتمع وقضاياه سواء في الداخل أو الخارج ، وكذلك ينظر لها بانها كمبنى الزجاج حيث يطلب منها الشفافية والموضوعية في كل شيء.
فحسن اختيار العناصر البشرية المؤهلة والمدربة في شتى المجالات سيساهم في حماية ذلك الزجاج من التكسير فالوزارة بحاجة لوجود ترسانة قوية مسلحة بالخبرة والمعرفة تعرف كيف تدافع عن وجهة نظرها في أي موقع ، بعكس الاختيار السيئ الذي سيعزز الدفاعات الهلامية التي لن تؤدي الا الى مزيد من تهشيم ذلك الزجاج .
Twitter: @Dr_Abdulaziz71
أضف تعليق