فالح بن حجري
زحمة مشاعر
الخط المستقيم هو الخط الواصل بين نقطتين، أما الخط السريع فهو الخط الواصل بين سيارتك وسيارة اخرى تبعد عنها بـ 3 كيلومترات، ولا ادري لماذا سمي الخط بالسريع؟ كما لا ادري ايضا لم سميت الحكومة بالرشيدة؟! فكلاهما اسم على غير مسمى، الزحمة على الخطوط السريعة اصبحت خبزنا اليومي وكما انه ليس بالخبز وحده تحيا الشعوب شعوبنا «جعلك تحيا» قد أحيت عادة التفكير «كايدام» نغمس به خبز الزحمة المرورية وكمحاولة لقطع سيف الوقت قبل ان يقطعنا ويمزقنا الى اشلاء، والتفكير تحت درجة حرارة تجاوزت 45 درجة من غير الفوائد وأجواء معبقة بغاز ثاني اكسيد الكربون بنكهة الديزل الذي دوخ الأوزون حتى هتك ستره وثقبه. هذا الطقس يجعل طقوس تفكير العقل الباطن أشبه بأجواء «حي الباطنية» الشهير في الثمانينيات المليء بالدخان الأزرق التي ينفثها «الخرمانين»، وأول فكرة «خرمانة» نفث بها خاطري هي تخيلي ان طابور السيارات الممتد على مد البصر هو طابور من الخرفان يساق الى المسلخ فالخرفان هي ذروة سنام الأضاحي، ونحن ضحايا نقاد الى مسلخ سوء التخطيط الذي جعل من البنية التحتية مباني وشوارع تحت خط الفقر التنظيمي، في هذه الاثناء اغوى الشيطان قائد السيارة الألمانية التي بجانبي فانحرف متجها الى حارة الأمان وسبحان الله العرق دساس فالألمان وسياراتهم اذا غضبوا صدحت حناجرهم بأغنية «ألمانيا فوق الجميع» على مقام غوبلز الالماني :اكذب، اكذب حتى يصدقك الجميع «وترجمتها الى العربية «دوس، دوس حتى تسبق الجميع»، وبعد ان فرغ الشيطان من اغواء جاري الألماني حاول اغوائي بأن يجمل اقتحام حارة الأمان في عيني، مشيرا اليه وهو يبتسم ابتسامه صفراء: «باب الحارة» يناديك، عليهم يا «قبضاي»؟! ولكن هيهات فمازال في المبادئ بقية من رمق، طال الانتظار فحاولت كسر الملل بالاستماع الى الاذاعة واول ما تناهى الى سمعي خبر تقديم استجواب الى رئيس مجلس الوزراء تمنيت وانا اسمعه ان يصعد سموه الى المنصة ويجيب عن سؤال واحد فقط: كيف السبيل إلى تقدم بلادنا وتطورها في السباق مع الدول الواقعة عن يمين ويسار خط غرينتش والسيارات المتكدسة أكواما على خطوطها السريعة لا تتقدم شبرا إلا كل ساعة كاملة بتوقيت غرينتش!
أضف تعليق