كتاب سبر

.. والنفوسُ نفائسٌ

في درج السيارة… هناك من يضع قنينة عطر، ومصحف، وكتيّب حصن المسلم… “مثلا
يعني”.
وهناك من يضع علبة سجائر… وتلفون خاص – ماتدري عنه زوجته – مثلاً.
وهناك من يملأه بأوراق قديمة وفواتير جمعيات.. وبراغي!
وهناك من يضع في الدرج (ورق أبيض بإطار أحمر رقيق جدا..  ماركة رشيد!!)
وكل درج هو انعكاس لصاحبه..
والنفس كذلك… هي مخزنك الذي تخزن فيه بضاعتك..
وما أنت الا انعكاس لمحتوى هذا المخزن ..
 والمخزن يحتاج إلى إعادة ترتيب.
قلنا أننا يجب أن نوقع على عقد بيع وشراء ونكون جديرين بالالتزام بهذا العقد: (إن
الله اشترى من المؤمنين أنفسهم)
ولكل نفس ثمن…
يُصنَّـف هذا البيت من أجمل مئة بيت للمتنبي:
(فالموتُ آتٍوالنفوس نفائسٌ… والمستعزّ بما لديه الأحمقُ )
هناك نفس من معدن رديء… ثمنها بخس!
وهناك نفس معدنها نفيس… ثمن شرائها أن يعلو صاحبها إلى أعلى علّيين… هناك: في
ظل العرش.
قال الحسن : ” لا تَلْقى المؤمِنَ إلاَّ يُحَاسِبُ نفسَهُ : ماذا أرَدْتِ تَعملينَ
؟ وماذا أرَدْتِ تَأْكُلينَ ؟ وماذا أرَدْتِ تَشْربِينَ ؟ والفاجِرُ يَمْضي قُدُماً
قُدُماً لا يُحاسِبُ نفْسَهُ “.
هيا قل لي:
هل فكرت يوما أن تبدأ بتغيير سلوكك.
ناقش نفسك… هل فكرت أن تحصر سلبياتك يوما وقررت أن تتخلص منها الواحدة تلو
الأخرى:
مايختلط براتبك من مال حرام، غشك، كذبك في بعض المواقف، تفويتك لصلاة الفجر,
تدخينك، تملّـقك لمسؤول، غيبتك للآخرين، ترصدك لعيوب الناس، ضحكك المبالغ فيه، وقتك
الطويل الذي يضيع في أمور تافهة، استهزاؤك بالناس، احتقارك للآخرين، غيابك الطويل
عن أسرتك، تفريطك في أحبابك، نسيانك لوالديك، لديك أخت تحبك تطل عليها دقائق سريعة
كل شهر وتذهب مسرعا، زوجتك تنتظرك حتى ساعة متأخرة من الليل فتعود إليها متعبا
مرهقا، ملاحقتك لبنات الناس في الشارع حتى توصلهن إلى بيوتهن، حباك الله طلاقة حديث
فطفقت تستخدمها في التغرير ببنات الحمايل، أنعم الله عليك بوسامة فاستخدمتها بما
لايرضي الله عنك، لا تقرأ من القرآن إلا سورة الكهف يوم الجمعة، استخدامك الدين
كشعار تصل فيه لأهداف دنيئة، متاجرتك بالقبيلة لتنجح في الانتخابات ..و(تلهف)،
تنافق  الشيوخ، تطعن في أعراض الناس وأصولهم ،  أنت نقال حكي… أنت مهذار… أنت
لوتي، أنت انبطاحي!!
–         لا… هذا ليس أنت..
ماذا أنت؟
أنت…!!
أنت فيك خير كثير … وجمال شاسع، لكن أرض الخير فيك تحتاج إلى حرث.
بأن تجمع كل سلبياتك… وتفرقها، وتحاربها واحدة واحدة..
بعضها ستقضي عليه بسرعه… لأنه تافه وضعيف، لم توجده إلا العادة.
و بعضها الآخر سيكون مقاتلا عنيدا… وستكون لك معه صولات وجولات وربما أنهكتك.
لكن من البطولة أن تواجه أعداءك.
قالَ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: ” حاسِبُوا أنْفُسَكُم قبلَ أنْ تُحَاسَبُوا”
بم تريد أن نبدأ…
أي من سلبيات نفسك ستختار لتبدأ بتغييره؟
هل هناك أشياء تحرص أن لايعرفها الناس عنك لأنها تهز شخصيتك؟
هل شخصيتك متصبح مهزوزة في بعض المواقف؟
أنت وأنا سلبياتنا كثيرة… وشعاري وشعاري (غيّر سلبياتك)
هه… بم نبدأ؟
دعني أختار أنا:
(كنت أمشي قبل عام في فندق انتركونتننتال دبي مع الأخ فارس بن شوية السبيعي ..
التفت إليّ وقال: أنا أعرف شخصية الرجل من تلفونه)!
عاد هو في ذلك اليوم إلى الرياض
وعدت أنا إلى الكويت محمَّلاً بكلمته.
هيّا..
مد يدك في جيبك … واخرج منه موبايلك… فبه سنبدأ..

(ولي معك حديث في المقالة القادمة)

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.